2025-07-07 09:54:18
في ظل التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي والشرق الأوسط، تبرز العلاقات بين مصر وإثيوبيا والصومال كواحدة من أكثر الملفات تعقيداً وأهمية. هذه الدول الثلاث تربطها روابط تاريخية وجغرافية، لكنها تواجه أيضاً تحديات كبيرة، خاصة في مجالات الأمن المائي والاستقرار الإقليمي.

العلاقات المصرية الإثيوبية: أزمة سد النهضة تتصدر المشهد
لا تزال أزمة سد النهضة الإثيوبي تشكل نقطة خلاف رئيسية بين مصر وإثيوبيا. فبينما تؤكد إثيوبيا على حقها في التنمية واستغلال الموارد المائية، تعتبر مصر أن السد يمثل تهديداً وجودياً لأمنها المائي، خاصة مع اعتمادها شبه الكامل على مياه النيل. وعلى الرغم من المحادثات المتعددة التي جرت تحت رعاية الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، لم يتم التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن حقوق جميع الأطراف.

في الآونة الأخيرة، أعلنت إثيوبيا عن اكتمال الملء الرابع لخزان السد، مما أثار قلقاً مصرياً جديداً. وتواصل القاهرة الضغط دبلوماسياً لحل الأزمة، بينما تتجه أديس أبابا إلى تعزيز علاقاتها مع دول أخرى مثل الصين وتركيا لتأمين الدعم السياسي والمالي.

الصومال: صراعات داخلية وتدخلات إقليمية
أما الصومال، فلا تزال تعاني من عدم الاستقرار الأمني بسبب تنظيم الشباب الإرهابي والصراعات بين الحكومة الفيدرالية والولايات. كما أن التدخلات الخارجية، خاصة من إثيوبيا وتركيا والإمارات، تزيد من تعقيد المشهد.
في هذا الإطار، تحرص مصر على دعم الحكومة الصومالية لتعزيز الاستقرار، لكنها تنتقد أيضاً الوجود العسكري الإثيوبي في بعض المناطق الصومالية، والذي تراه تهديداً للأمن الإقليمي. كما أن القاهرة تدعم موقف الصومال في رفض الاتفاقية المثيرة للجدل بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال، والتي تمنح أديس أبابا حق الوصول إلى البحر عبر بربرة.
تعاون أم صراع؟ مستقبل العلاقات الثلاثية
رغم التحديات، توجد فرص للتعاون بين هذه الدول، خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب والتجارة والاستثمار. فمصر يمكن أن تكون شريكاً اقتصادياً مهماً لكل من إثيوبيا والصومال، بينما يمكن للتعاون الثلاثي أن يعزز الأمن في منطقة القرن الأفريقي.
لكن تحقيق ذلك يتطلب حل النزاعات العالقة، خاصة تلك المتعلقة بالمياه والحدود. فبدون اتفاق عادل حول سد النهضة وبدون استقرار داخلي في الصومال، ستظل العلاقات بين هذه الدول متوترة، مما قد يؤثر على استقرار المنطقة بأكملها.
في النهاية، تبقى المصالح المشتركة هي الحافز الأكبر لإيجاد حلول دبلوماسية، لكن الطريق لا يزال طويلاً وشائكاً.